هل تخيلت يومًا أن يُغير تطبيق صغير، مُجرّد روبوت دردشة، وجه الإنترنت كما نعرفه؟ اليوم، أصبح هذا الواقع المُذهل حقيقة بفضل ChatGPT وغيره من روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي. لم يعد البحث عن معلومة بسيطة رحلة مُعقدة عبر صفحات متشابكة، بل أصبح مجرد سؤال يُطرح على صديق افتراضي ذكي ومتجاوب. لكن هذا التطور المُذهل يحمل في طياته أثرًا مدمرًا لبعض المواقع والخدمات التي اعتدنا عليها، فهل نحن على أعتاب ثورة رقمية تُعيد رسم خريطة الإنترنت من جديد؟
1. محركات البحث التقليدية: هل انتهى عصر Google؟
أول ضحايا صعود ChatGPT هي محركات البحث التقليدية مثل جوجل وبينج. فلم تعد الحاجة ماسة للتنقل بين صفحات النتائج والبحث عن المعلومات المُناسبة. بات بإمكان ChatGPT تقديم إجابات مُباشرة، مُلخصة، وحتى مُصاغة بأسلوب مُناسب للسياق. هذا يُقلل بشكلٍ كبير من الاعتماد على محركات البحث التقليدية، ويُهدد نموذج أعمالها الذي يقوم على الإعلانات المُستندة إلى عدد الزيارات. فبدلًا من النقر على روابط البحث، يحصل المستخدم على إجابة مُباشرة من ChatGPT، مما يُقلل فرص ظهور الإعلانات. هل سنشهد قريبًا زوال هيمنة جوجل على عالم البحث؟
2. مواقع الأسئلة والأجوبة: Stack Overflow و Quora في خطر؟
مواقع مثل Stack Overflow و Quora، التي تعتمد على مشاركة المستخدمين للأسئلة والإجابات، تواجه تهديدًا مباشرًا من ChatGPT. فقدرات الروبوت في التعامل مع الأسئلة المُعقدة وتقديم إجابات دقيقة وسريعة تُقلل الحاجة للبحث عن إجابات على هذه المواقع. الأمر يُصبح أسهل وأسرع مع ChatGPT، مما يُهدد نشاط هذه المواقع ويُقلل من تفاعل المستخدمين معها. فهل ستنجح هذه المواقع في التكيّف مع هذا التحدي الجديد عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدماتها؟
3. مواقع كتابة المحتوى: هل انتهى عصر الكُتاب المُحترفين؟
قد يبدو الأمر مُخيفًا، لكن ChatGPT يُمثل تهديدًا حقيقيًا للكُتاب المُحترفين ومواقع كتابة المحتوى. قدرة الروبوت على توليد نصوص مُنسجمة ومُنسقة بسرعة ومُختلفة الأشكال (مقالات، قصائد، سيناريوهات، الخ) تُسهّل عملية إنتاج المحتوى بشكلٍ كبير. هذا يُقلل من الطلب على خدمات الكتاب المُحترفين، ويُهدد استمرارية بعض مواقع الكتابة التي تُوفر هذه الخدمات. لكن الأمر ليس بـ”نهاية العالم”، فبقاء الكُتاب المُحترفين يُعتمد على قدرتهم على ابتكار المحتوى العالي الجودة والفريد من نوعه، وهو ما لا يزال بعيدًا عن إمكانيات روبوتات الدردشة الحالية.
4. مواقع التعليم الإلكتروني: تحديات جديدة في عالم التعليم؟
مواقع التعليم الإلكتروني أيضًا تُواجه تحديات جديدة بسبب صعود ChatGPT. قدرة الروبوت على الإجابة عن الأسئلة وإعطاء الشروحات تُقلل من حاجة الطلاب للبحث عن معلومات على هذه المواقع. لكن هذا لا يُشير بالضرورة إلى زوال هذه المواقع، بل يُشير إلى حاجة إلى إعادة هيكلتها وتكييف محتواها لتُلبي احتياجات عصر الذكاء الاصطناعي. فمواقع التعليم تحتاج إلى تطوير تجارب تعليمية تفاعلية تعتمد على التعاون البشري وتنمية المهارات الإبداعية والتفكير النقدي، ما هو أبعد من قدرة روبوت الدردشة.
الخاتمة: فرصة للتكيّف أم نهاية الطريق؟
إنّ صعود ChatGPT يُمثل نقلة نوعية في عالم الإنترنت، وهو يُهدد بعض المواقع والخدمات التقليدية. ولكن بدلًا من النظرة السلبية، علينا أن نرى في هذا التطور فرصة للتكيّف والتجديد. على المواقع المُختلفة أن تُدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدماتها، وتُطوّر تجربة المستخدم لتُلبي احتياجات العصر الجديد. فالمستقبل ليس للمواقع التي تُقاوم التغيير، بل للمواقع التي تستوعبه وتُستفيد منه. فهل ستكون هذه المواقع قادرة على مواكبة هذا التغيير أم ستختفي من خريطة الإنترنت؟